للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّه تعالى: المحبة أفضل من الخوف. ثُمَّ استشهد بكلام هذا الحكيم. وقال يحيى بن معاذ: حسبك من الخوف ما يمنع من الذّنوب، ولا حسب من الحب أبدًا.

فأمَّا الخوف، والرجاء فأكثر السلف على أنَّهما يستويان لا يرجح أحدهما على الآخر قاله الإمام أحمد، والحسن، ومطرف، وغيرهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس اللَّه روحَه: يكونان كجناحي الطير فأيهما غلب صاحبه وقع، أو هلك. ومنهم من رجح الخوفَ على الرجاء وهو محكي عن الفضيل، وأبي سليمان. وعلى القول بتسويتهما وهو المعتمد جاء عن حذيفة المرعشي رحمه اللَّه تعالى: إنَّ عبدًا يعمل على خوفٍ لعبدُ سوء، وإنَّ عبدًا يعمل على رجاء لعبد سوء كلاهما عندي سواء.

قال الحافظ: مراده إذا عمل على إفرادِ أحدهما عن الآخر.

وقال بعضهم: لا تكونوا كالعاملِ يقال له: تعمل كذا وكذا.

فيقول: نعم إنْ أحسنتم لي من الأجر ومراده من لا يلحظ في العمل إلا الأجر.

قال الحافظ: وهؤلاء العارفون لهم ملحظان: أحدهما: إن اللَّه يستحق لذاته أن يُطاعَ، ويُحب، ويبتغى قربه، والوسيلة إليه مع قطعِ النَّظر عن كونه يثيب عباده، أو يعاقبهم كما قال القائل:

هب البعث لم تأتنا رسله ... وجاحمة النار لم تضرم

أليس من الواجب المستحق ... حياء العبادِ من المنعم