للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شمر إليه المحبون، واللواء الذي أمّه العارفون، وهو روح مسمى الجنَّة وحياتها، وبه طابت الجنَّة، وعليه قامت فكيف يقال لا يعبد اللَّه طلبًا لجنته، ولا خوفًا من ناره وكذلك النَّار فإنَّ ما لا ربابها من عذاب الحجاب عن الله وإهانته، وغضبه، وسخطه، والبعد عنه أعظم من التهاب النَّار في أجسامهم، وأرواحهم بل التهاب هذه النَّار في قلوبهم هو الذي أوجبَ التهابها في أبدانهم ومنها سرت إليها فمطلوب الأنبياء، والمرسلين، والصديقين، والشهداء، والصالحين هو الجنَّة التي هي ما وصفنا وهربهم من النَّار التي هي اسم لغضب اللَّه، والبعد عنه، وسخطه، ومقته، والحجاب عنه مع ما أعد اللَّه سبحانه لأعدائه الذين اتصفوا بغضبه، وسخطه، والبعد عنه، ما أشبه ذلك من الحيات، والعقارب على ما سنذكره إن شاء اللَّه تعالى.

ومقصد القوم أن العبد يعبد ربه حق العبودية والعبد إذا طلب من سيده أجرة على خدمته له كان أحمق ساقطًا من عين سيده إن لم يستوجب عقوبته إذ عبوديته تقتضي خدمته له. والنَّاس على أربعة أقسام: من لا يريد ربه، ولا يريد ثوابه فهؤلاء أعداؤه حقًّا، وهم أهل العذاب الدائم وعدم إرادتهم لثوابه إمَّا لعدم تصديقهم به وإمَّا لإيثار العاجل عليه ولو كان فيه سخطه.

ومن يريده، ويريد ثوابه وهؤلاء خواص خلقه.

ومن يريد منه، ولا يريده فهو ناقص غاية النقص وهو حال الجاهل الغافل الذي يسمع أن ثمَّ جنة، ونارًا فليس في قلبه غير إرادة نعيم الجنَّة المخلوقة، وخوف النار المخلوقة ولا يخطر بباله سوى ذلك