للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البتة وهذا حال أكثر المتكلمين المنكرين رؤية رب العالمين فهم عبيد الآخرة المحضة حتى يزعم بعض هؤلاء أن إرادة اللَّه محال قالوا: لأن الإرادة إنما تتعلق بالحادث فالقديم لا يراد فهؤلاء منكرون لإرادة اللَّه غاية الإنكار وأعلى الإرادة عندهم إرادة الأكل، والشرب، والنكاح، واللباس في الجنَّة وتوابع ذلك وهؤلاء أكشف الناس حجابًا، وأغلظهم طباعًا، وأقساهم قلوبًا، وأبعدهم عن روح المحبة، والتأله، ونعيم الأرواح والقلوب وهم يطعنون على أصحاب المحبة، والشوق إلى اللَّه تعالى وعندي أن هؤلاء محرومون فنسأل اللَّه أن يرزقنا محبته، وقربه، ولذة النظر إليه، والتأله به، والتلذذ بحبه.

والقسم الرابع: محال وهو أن يريد اللَّه، ولا يريد منه وهو الذي يزعم صوفية زماننا، وذووهم أنه مطلوبهم، ويزعمون أنَّ من لم يصل إلى هذا المقام ففي سيره علة، وأن العارف ينتهي إلى هذا المقام بأن يريد اللَّه، ولا يريد منه شيئًا كما يحكى عن سيدي أبي يزيد رضي اللَّه عنه أنَّه قال: قيل لي: ما تريد؟ فقلت: أريدُ أن لا أريد.

قال الإمام المحقق ابن القيم: وهذا في التحقيق عين المحال الممتنع عقلًا، وفطرة، وحسًا، وشرعًا فإن الإرادة من لوازم الحي، وإنَّما يعرض له التجريد عنها بالغيبة عن حسه، وعقله كالسكر، والإغماء، والنوم ثُمَّ قال: ونحن لا ننكر التجريدَ عن إرادة ما سواه من المخلوقات التي تزاحم إرادتها إرادته أفليس صاحب هذا الحال مريدًا لقربِهِ، ورضاه، ودوام مراقبته، والحضور معه؟ وأي إرادة فوق هذه الإرادة.