للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان جماعة من عباد البصرة مرضوا من الخوف، ولزموا منازلهم كالعلاء بن زياد، وعطاء السلمي وكان عطاء قد صار صاحب فراشٍ عدة سنين. يرون أن بدو مرض عمر بن عبد العزيز الذي مات فيه من الخوف.

وأخرج الإمام أحمد (١) رضي اللَّه عنه أن شابًا من الأنصار رضي اللَّه عنهم دخل خوف النَّار قلبه فجلس في البيت فأتاه النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقام فاعتنقه فشهق شهقة خرجت نفسه. فقال النَّبيّ (٢) - صلى الله عليه وسلم -: "جهزوا صاحبكم فلذ خوف النار كبده" ورواه ابن أبي الدُّنيا وزاد فيه: "والذي نفسي بيده لقد أعاذه اللَّه منها من رجاء أشياء طلبه ومن خاف شيئًا هرب منه" وهذا متصل وسند الإمام أحمد مرسل وهو أصح كما قال الحافظ رحمه اللَّه.

وأخرج أبو نعيم، وابن أبي الدُّنيا، وغيرهما قصة منصور بن عمار مع الذي مرّ به في الكوفة ليلًا وهو يناجي ربه فتلا منصور هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: ٦] الآية. قال منصور: فسمعت دكدكة لم أسمع بعدها حسًّا، ومضيت، فلمَّا كان من الغد رجعت فإذا جنازة قد أخرجت، وإذا عجوز فسألتها عن أمر الميت ولم تكن عرفتني فقالت: هذا رجل لا جزاه اللَّه خيرًا إلا ما جزاه مرّ بابني البارحة وهو قائم


(١) رواه أحمد في "الزهد" ص ٤٧٤.
(٢) البيهقي في "شعب الإيمان" ١/ ٥٣٠ (٩٣٦) باب الخوف من الله تعالى.