للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نواحل قد أزري بها الجهد والسرى ... إلى اللَّه في الظلماء والناس هجع

ويبكون أحيانًا كأن عجيجهم ... إذا نوم الناس الحنين المرجع

ومجلس ذكر فيهم قد شهدته ... فأعينهم من رهبة الله تدمع

ومنهم من منعه خوف النار الضحك: قيل لسعد بن حبيب: إنك لم تضحك قط. قال: كيف أضحك وجهنم قد سعرت، والأغلال قد نصبت، والزبانية قد أعدت؟! وكان جماعة من السلف قد عاهدوا اللَّه أن لا يضحكوا أبدًا حتى يعلموا مصيرهم إلى الجنَّة أم النَّار.

وسئل رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: ما كانت صحف موسى؟ قال: "كانت عبرًا كلها فيها: عجبت لمن أيقن الموت، وهو يفرح، وعجبت لمن أيقن بالنَّار وهو يضحك" (١). الحديث خرجه ابن حبان في صحيحه وغيره.

ومنهم من حدث به من خوف النار مرض. ومنهم من مات من ذلك وكان الحسن يقول في وصف الخائفين: قد أبرأهم الخوف فهم أمثال الفراخ ينظر إليها الناظر فيقول: مرضى وما هم بمرضى. ويقول قد خولطوا وقد خالط القوم من ذكر الآخرة أمر عظيم وسمع الإمام عمر رضي اللَّه عنه رجلًا يتهجد في الليل، ويقرأ سورة الطور فلمَّا بلغ إلى قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨)} [الطور: ٧، ٨] قال عمر: قسم ورب الكعبة حقٌّ ثُم رجع إلى منزله فمرض شهرًا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه.


(١) رواه ابن حبان ٢/ ٣٦١ في كتاب: البر والإحسان، باب: ما جاء في الطاعات وثوابها.