والأهوال فإن أجابت إلى ذلك وإلا فأعرض عليها التقلب بين طباق النيران. ثُمَّ صاح، وغشي عليه، وتصايح الناس من جوانبه.
وقال الحسن رحمه الله: والله ما صدق عبد بالنَّار إلا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وإن المنافق لو كانت النَّار خلف ظهره لم يصدق بها حتى يهجم.
وقال وهب بن منبّه: كان عابد في بني إسرائيل قام في الشمس يصلي حتى اسود، وتغير لونه فمرَّ به إنسان فقال: كأن هذا خوّف بالنار قال: هذا من ذكرها فكيف بمعاينتها. وقال إبراهيم التيمي رحمه الله: مثلت نفسي في الجنَّة أكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها. ثم مثلت نفسي في النَّار آكل من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها، وأغلالها فقلت لنفسي: أي شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أردّ إلى الدنيا فأعمل صالحًا. قال: فقلت: فأنت في الآمنة فاعملي.
واعلم أن الخوف على مراتب فخوف العارفين خوف إجلال، وتعظيم لما غلب على قلوبهم من ذكر اللَّه، وجلاله، وعظمته، وقهره، وجبروته. وقد يخافون من النَّار باعتبار أنها ناشئة عن صفات جلاله، وقهره، وكبريائه، وانتقامه، وغضبه، وسخطه فالنار أثر لمؤثر هو صفات الجلال فالخائف من غضبه سبحانه يخاف من النار والخائف من النار بهذا الاعتبار خائف من غضبه، وانتقامه وفي نفس الأمر الخوف ليس إلا من غضبه تعالى فمن غضب عليه والعياذ باللَّه به منه.