عذَّبه بناره، ومن رضي عليه أسكنه في جواره فالجنَّة رضاه، ونعمته والنار غضبه، ونقمته فالعارفون يخافون من جلال عظمته، ويشفقون من آثار نقمته وهو خوف الأنبياء، والملائكة، وخواص الأولياء.
وأمَّا خوف أكثر المؤمنين فيذكر الوعد والوعيد، وأهوال يوم القيامة الشديد مع فكرتهم في الجنايات، والتفريط، واتهامهم لنفوسهم أن يكون فيها من الآفات ما يربي على المعاصي الظاهرة كالعجبِ، والرياء، والحسد، والكبر، ونحوها.
قال عطاء السلمي: خرجنا مع عتبة الغلام وفينا كهول وشبان يصلون الفجر بوضوء العشاءِ قد تورمت أقدامه من طول القيام، وغارت أعينهم في رؤسهم، ولصقت جلودهم على عظامهم وكأنَّهم خرجوا من القبور فبينا هم يمشون إذ مرَّ بمكانٍ فخرّ مغشيًا عليه فجلس أصحابه حوله يبكون في يوم شديد البردِ وجبينه يرشح عرقًا فلمَّا أفاق سألوه عن حاله فقال: إنّي كنت عصيت الله في ذلك المكان. فانظر رحمك الله إلى حال أولياء الله يا معاشر المذنبين ألا تستحيون من قلة الحياء فالحُرّ تكفيه الملامة إلى متى تمشون على وجوهكم؛ إلى ما يسقط جاهكم.
قفوا في القلي حيث انتهيتم تذمما ... ولا تقتفوا من جار لما تحكما
ما تفي لذة التأمر على الهوى والتولي بمرارة الانصراف والتولي كلا والله بين الولاية والصرف صرف. قف على الباب باكيًا، وارفع