للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصة النّدم شاكيًا، وناد في ناد الأسى بصوت من أسى: أنا المسيء المذنب الخاطئ ما بقى في يديك غير البكاء، ولا لقلبكَ إلا التّحسر، ولا لفؤادك إلا القلق فالعارف يبكي على ما فات، ويندم على ما اقترف من الآفات وإذا مرَّ بمكان كان قد حلا له مر المعاصي بكى وتذكر يوم الأخذ بالنواصي أشد ما يهيج خوف هؤلاء، ويزعج قلوبهم خوف السابقة، والخاتمة فإنَّ العبد لا يدري هل سبق له في علم اللَّه السعادة فيختم له بخاتمةِ الإيمان، أو سبق له في علم اللَّه الشقاوة فيختم له بخاتمة السّوء والخذلان، فكم من مغبوط في أحواله انعكس عليه الحال، ورضي بمفارقة قبيح الأعمال فبدل بالأنس وحشة وطردًا، وبالقرب حجابًا وبعدًا فأمسى بعد المحاضرة مبعودًا، وبعد القرب مطرودًا.

أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف سوء ما يأتي به القدرُ

وسالمتك الليالي فاغتررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدرُ

قال سهل بن عبد الله: خوف الصديقين خوف سوء الخاتمة عند كلّ خطرة، وعند كلّ حركة. وقيل لسفيان الثوري رحمه الله: عليك بالرجاء فإن عفو الله أعظم من ذنوبك. فقال: أو على ذنوبي أبكي لو علمت أنِّي أموت على التوحيد لم أبالي بأمثال الجبال من الخطايا.

تنبيه: خوف بعض العارفين بالتفكر في السابقة فهو عين الحقيقة والمعول عليها؛ لأنَّ السعيد من سعد في بطن أمِّه، والشقي من شقى في بطن أمّه فهو ناظر إلى ما في نفس الأمر فإنَّه لا يتغير ما في علم الله