للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صف لي النَّار، وانعت لي جهنم". فذكر الحديث فقال - صلى الله عليه وسلم -: "حسبي يا جبريل لا تصدع قلبي فأموت". قال: فنظر رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إلى جبريل وهو يبكي فقال - صلى الله عليه وسلم -: "تبكي يا جبريل وأنت من اللَّه بالمكان الذي أنت فيه" فقال: "وما لي لا أبكي وأنا أحق بالبكاءِ لعلي أن أكون في علم الله على غير الحال التي أنا عليها وما أدري لعلي ابتلى بما ابتلي به هاروت وماروت، وما ابتلي به إبليس فقد كان من الملائكة" فبكى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وبكى جبريل عليه السلام فما زالا يبكيان حتى نوديا أن يا محمد، ويا جبريل إن الله قد أمنكما أن تعصياه فارتفع جبريل، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر بقوم من الأنصار يضحكون فقال: "أتضحكون ووراءكم جهنم فلو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا، ولما أسعتم الطعام والشراب، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى اللَّه عز وجل فنودي: يا محمد لا تقنط عبادي فإنَّما بعثتك مبشرًا، ولم أبعثك منفرًا". فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سددوا وقاربوا". وقد علمت أن فيه سلام الطويل وهو ضعيف جدًا بل ربما أشعر سياقه بغير ذلك واستغفر الله العظيم.

وقال محمد بن المنكدر: لمَّا خلقت النَّار طارت أفئدة الملائكة من أماكنها فلمَّا خلق بنوا آدم عادت وأخرج نحوه أبو نعيم عن طاوس (١).

وأما البهائم، والوحوش، والطير فقد روي ما يدل على خوفها من النار قال يحيى بن أبي كثير: بلغنا أنه كان إذا كان يوم نوح داود عليه السلام تأتي الوحوش من البراري، وتأتي السباعُ من الغياض،


(١) انظر "الحلية" ٤/ ٥.