للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقود النار. قال عيسى: فأنا أدعو اللَّه عز وجل أن يهبك لي فدعا اللَّه له، فقال عيسى: قد وهبت لي. قال: فانفجر منه من الماء حتى احتمل عيسى فذهب به. قال عيسى: اسكن بقدرة اللَّه فقد استوهبتك من ربِّي فوهبك لي فما هذا البكاء قال: "أمَّا البكاء الأول فبكاء الخوف، وأما البكاء الثاني فبكاء الشكر".

قلت: قد يكون البكاء عن حزن، وقد يكون عن فرح وقد جاء أنَّ أبا بكر رضي اللَّه عنه لمَّا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الهجرة وقد قال له: "إن اللَّه قد أذن لي في الخروج" (١) فقال له: الصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه. قال: "نعم" فبكى الصديق رضي اللَّه عنه سرورًا بصحبة حبيبه، وحبيب كلّ مسلم - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة. قالت عائشة رضي اللَّه عنها: فرأيت أبا بكر يبكي وما كنت أحسب أنَّ أحدًا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر رضي اللَّه عنه يبكي. وما أحسن قول من قال في ذلك:

ورد الكتاب من الحبيب بأنَّه ... سيزورنا فاستعبرت أجفاني

غلبَ السرورُ عليّ حتَّى أنَّه ... من عظم ما قد سرَّني أبكاني

يا عين صار الدمع عندك عادة ... تبكين من فرح ومن أحزاني

وقد ذكر الإمام المحقق ابن القيم طيب اللَّه ثراه في كتابه "الهدي" (٢) للبكاء أنواعًا.

وملخص ذلك أنَّه تارة يكون للرقة، والرحمة. الثاني:


(١) رواه البخاري (٢١٣٨) في البيوع، باب: إذا اشترى متاعًا أو دابة.
(٢) (١/ ١٨٤) مع اختلاف في بعض الكلمات أو زيادة.