للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا أهل الحجرات سعرت النار لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرا" (١) وفيه من تُكُلِّم فيه ورواه الأعمشُ مرسلًا واللَّه تعالى أعلُم.

وتسجرُ جهنم أيضًا يوم القيامة قال تعالى: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (١٤)} [التكوير: ١٢ - ١٤] وقرئ سعرت بالتخفيف والتشديد قال الزجَّاج: المعنى واحد إلا أن معنى المشدد أوقدت مرّة بعد مرّة، وقال قتادة في قوله تعالى: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢)} أوُقدت وقال السدى: أُحميت، وقال قتادة: سَعَّرها غضُب اللَّه وخطايا بني آدم (٢). وخرَّجه ابن أبي حاتم.

وهذا يقتضي كما قال الحافظ: إن تسعير جهنم حيث سعرت فإنما تسعر بخطايا بني آدم المقتضية غضب الجبار عليهم، فتزداد جهنم حينئذ تلةُبًا وتسعُرًا وهذا كما أنّ درج الجنة وغرس أشجارها يحصل بأعمال بني آدم الصالحة من الذكر وغيره وكذلك حسن ما فيها من الأزواج وغيرهم يتزايد بتحسين الأعمال الصالحة فكذلك جهنم تسعر وتزداد آلاتُ العذاب فيها بكثرة ذنوب بني آدم وخطاياهم وغضب مولاهم، عياذًا اللهم بك من غضبك ومن النار وما يقرب إليها من قول وعمل ونيّة (٣).


(١) يشهد لَهُ حديث أبي هريرة الذي أخرجه أحمد ٢/ ٤٦٧ (١٠٠٢٩).
(٢) انظر: "تفسير الماوردي" ٦/ ٢١٥، و"تفسير ابن كثير" ١٤/ ٢٦٦.
(٣) "التخويف من النار" ١٠٠ - ١٠١.