للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه حيث يتلاشى الشفعاء وينحط الرفعاء من علم عظمة الإله زاد وجَلُه ومن خاف مقام ربه حسُنَ عملُه.

الخوف يستخرج داء البطالة ويشفيه وهو نعم المؤدب للمؤمنِ يكفيه فالخوف للنفسِ سائق والرجاء قائد، ريح الرجاء يسكنُ وحوف الخوف وسيف الخوف يقطع سيف سوف.

في "التبصرة" للإمام ناصر السنة طيب اللَّه ثراه قال بعض السلف: رأيتُ في بعض الجبال شابًا أصفر اللون غائر العينين مرتعش الأعضاء لا يستقر على الأرض كانّ به وخزُ الأسنّةِ ودموعُه تتحادر فقلت: من أنت؟ فقال: آبِق أبَقَ من مولاه فقلت: فتعود وتعتذر فقال: العذر يحتاج إلى إقامة حجةٍ فبماذا يعتذُر المقصِّر؟ قلت: يتعلق بمن يشفع فيه، فقال: كل الشفعاء يخافون منه، قلت: فمن هو؟ قال: مولًى ربّاني صغيرًا فعصيته كبيرًا، شرط إلى فوفَّاني وضمن لي فأعطاني فخنته في ضماني فعصيته وهو يراني فواحيائي من حسن صُنْعهِ وقبيح فعلي فقلت: أين هذا المولى؟ فقال: أين توجهت لقيت أعوانه وأين استقرت قدمك ففي داره، فقلت: أرفق بنفسك فربما أحرقك هذا الخوف، فقال: الحريق بنار خوفه لعله يرضى أخف وأولى ثم أنشأ يقول رحمه اللَّه تعالى:

لم يبق خوفك لي دمعًا ولا جَلدا ... لاشك أني بهذا ميت كمدا

عبد كئيب أتى بالعجز معترفا ... وناره تحرق الأحشاء والكبدا

ضاقت مساكِنُه في الأرضِ من وجلٍ ... فهب له منك لطفًا إن لقيك غدا