للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرَّج أبو نعيم (١): أن أمير الؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قال لكعب: خوفنا، قَالَ: والذي نفسي بيده إن النار لتقرب يوم القيامة لها زفيرٌ وشهيقٌ حتَّى إذا دنت وقربت زفرت زفرة فما خلق اللَّه من نبيٍّ ولا صدِّيقٍ ولا شهيدٍ إلا وجثا لركبتيه ساقطًا حتَّى يقول كل نبي وصديقٍ وشهيدٍ: اللهم لا أكلفك اليوم إلا نفسي، ولو كان لك يا ابن الخطاب عمل سبعين نبيًا لظننت أنك لا تنجو، قال عمر رضي اللَّه عنه: إن الأمر لشديدٌ (٢).

وفي رواية عنه: لا يبقى ملك مقرب ولا غيره إلا خرّ جاثيًا على ركبتيه يقول: ربِّ نفسي نفسي. وجثا نبينا وإبراهيم وإسحق عليهم السلام، فأبكى القوم حتَّى نشجوا.

وفي رواية: فأطرق عمر رضي اللَّه عنه مليًّا فقال له كعب: يا أمير المؤمنين ألستم تجدون هذا في كتاب اللَّه عزَّ وجل؟ قال عمر: كيف؟ قال: يقول اللَّه عزَّ وجل في هذه الآية: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١١١)} [النحل: ١١١] (٣).

فيا صريعَ شهوتهِ وقتيلَ لذتِه انتبه لهذا اليومِ العظيمِ وتزودْ لهذا الخطبِ الجسيم يا لاهٍ في اللذات هَلَّا وله في الطاعات، ويحك يا قتيل نفسه، ويا مطيع حدسه تفكر فيما أنت آيل إليه وتدبرٍ فيما أنت قادمٌ


(١) في "حلية الأولياء" ٥/ ٣٧١.
(٢) "التخويف من النار" ١٠٥ - ١٠٦.
(٣) رواه أحمد في "الزهد" ١/ ١٥٠، ١٥١.