للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخير كله، وإليه يُرجَع الأمر كُلّه، وله القوة والقدرة كلها، والعزة والكمال المطلق من جميع الوجوه، وعرف بمعرفة نفسه صِدقَ أنبيائه ورسله، وأن الذي جاءوا به هو الحقّ الذي تشهد به العقول، وتقربه الفطر، وما خالفه هو الباطل، وبالله التوفيق (١).

وسيأتي الكلامُ على مستقر الأرواح أوفى مِن ذلك.

فإن قُلتَ: هل الروّح قديمة أم مخلوقة؟ وإن قُلتم أنها محدثة فما الجواب عن قوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسرَاء: الآية ٨٥] وكيف يكون أمر الله مخلوقًا وقد أخبر الله سُبحانه، أنه نفخ في آدم من روحه؟

قلتُ: قد أجاب عنها الإمام المحقّق: وهي مسألة عظيمة زلّ فيها عَالَم وضلّ فيها طوائف، من بني آدم وهدى الله أتباع رسله فيها للحق المبين والصواب المستبين، فأجمعت الرسل صلوات الله وسلامُه عليهم، على أنها محدثة مصنوعة، وهذا معلوم بالاضطرار، من دينهم أن العالم حادث وأنّ معاد الأبدان واقعُ وأن الله وحده هو الخالق، وكل ما سواه مخلوق له وقد انطوى عصر الصحابة والتابعين، وتابعيهم وهم القرون الفضيلة، على ذلك، من غير اختلاف بينهم في حدوثها، وأنها مخلوقة حتى نبعث نابعة ممن قصر فهمه في الكتاب والسنة.

فزعم أنها قديمة غير مخلوقة واحتج على أنها من أمر الله


(١) انتهى هنا كلام ابن القيم في الروح ص ١٩٠.