للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والراحة والنعيم والإطلاق وما أشبه حالها في هذا البدن بحال الجنين في بطن أمه، وحالها بعد المفارقة، بحاله بعد خروجه من البطن إلى هذه الدار. قال: فلهذه الأنفس أربع دور، وكُلُّ دار أعظمُ من التي قبلها:

الدارُ الأولى: بطن الأم، وذلك الحَصْرُ والضيق و (العجز) (١) والظلماتُ الثلاث.

الدار الثانية: هذه الدار التي نشأت فيها وألفتها واكتسبت فيها الخير والشر، وأسباب السعادة، والشقاوة.

الدار الثالثة: دار البرزخ وهي أوسع من هذه الدار وأعظم، بل نسبتها إليها كنسبة هذه الدار إلى الأولى.

الدار الرابعة: دارُ القرار إلى الجنة أو النار فلا دار بعدَها والله سبحانه وتعالى ينقلها في هذه الدار طبقًا بعد طبق، حتى يبلغها إلى الدار التي لا يصلح لها غيرها، وهي التي خُلقت لها، وهُيئت للعمل الموصل لها إليها؛ ولها في كل دار من هذه الدّور حكم وشأن، غير شأن الدار الأخرى، فتبارك الله فاطرها، ومنشيها ومميتها، ومحييها، ومسعدها ومشقيها، فهو الذي فاوت بينها في درجات لمسعادتها وشقوتها كما فاوت بينها، في مراتب علوها وأعمالها، وقواها وأخلاقها، فمن عرفها كما ينبغي، شهدَ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي له الملك كله، وله الحمد كله، وبيده


(١) فى (ب)، و (ط): (الغم).