للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهد في قوله تعالى: {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥)} [الغاشية: ٥] انتهى حرها، وحان شربها. وقال الحسن: كانت العرب تقول للشيء إذا انتهى حرُّه حتَّى لا يكون شيء أحرّ منه قد أنى حره. وفي البغوي: {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥)} متناهية في الحرارة وقد أوقدت عليها جهنم منذ خلقت فدفعوا إليها وردًا عطاشا. قال المفسرون: لو وقعت منها قطرة على جبال الدنيا لذابت. انتهى.

النوع الثاني: الغساق: وهو ما سيل من بين جلد الكافر ولحمه، قاله ابن عباس رضي اللَّه عنهما. وعنه: إن الزمهرير البارد الذي يحرق من برده. وقال ابن عمرو: الغساق القيح الغليظ لو أنَّ قطرة منه تهراق في المغرب لأنتنت أهل المشرق، ولو تهراق في المشرق لأنتنت أهل المغربِ. وقيل: إنه عين في جهنم حمة كل ذات حمة من حية وعقرب أو غير ذلك فيستنقع فيؤتى بالآدمي فيغمس فيها غمسة واحدة، فيخرج وقد سقطَ لحمُه، وجلده عن العظام ويتعلق جلده ولحمه في عقبيه وكعبيه ويجر لحمه كما يجر الرجل ثوبه.

وخرّجَ الإمام أحمد، والترمذي، والحاكم في صحيحه عن أبي سعيد رضي اللَّه عنه مرفوعًا: لو أنَّ دلوًا من غساق يهراق في الدُّنيا لأنتن أهْلَ الدنيا (١).


(١) أخرجه أحمد ٣/ ٢٨، والترمذي (٢٥٨٤)، والبيهقي في البعث والنشور (٥٦٦)، وأبو يعلى في "مسنده" (١٣٨١)، والحاكم في "المستدرك" ٤/ ٦٠١، ٦٠٢، وقال الحاكم: هَذَا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.