واستدل لقول ابن عباس أنَّه الزمهرير البارد بقوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥)} [النبأ: ٢٤، ٢٥] فاستثنى من البرد الغساق، ومن الشراب الحميم وبه قال مجاهد.
وفي البغوي في قوله تعالى:{فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ}[ص: ٥٧] بعد أن ذكر قول ابن عباس ومجاهد على نحو ما ذكرنا.
وقال قتادة: هو ما يغسق أي: يسيل من القيح والصديد من جلود أهل النار، ولحومهم، وفروج الزناة، من قولهم: غسقت عينه إذا انصبت والغسقان: الانصباب انتهى.
الثالث: الصديد وهو القيح والدم قاله مجاهد، وقال قتادة في قوله تعالى:{يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ}[إبراهيم: ١٧] هل لكم بهذا يدان؟! أم لكم على هذا جسر؟! طاعة اللَّه يا قوم أهون عليكم من هذا فأطيعوا اللَّه ورسولَه وخرّج الإمام أحمد، والترمذي عن أبي أمامة رضي اللَّه عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ} [إبراهيم: ١٦، ١٧] قال: يُقرَّبُ إلى فيه، فيكرهه، فإذا أُدني منه شوى وجهه، ووقعت فروةُ رأسِه، فإذا شرِبَهُ قطَّع أمعاءه، حتَّى تخرجَ من دُبره يقول اللَّه تعالى:{وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}[محمد: ١٥] ويقول تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ}[الكهف: ١٩](١).
(١) رواه الإمام أحمد ٥/ ٢٦٥، والترمذي (٢٥٨٣)، وقال: هَذَا حديث غريب.