أَلِيمًا (١٣)} [المزمل: ١٢، ١٣] فلم يزل يبكي حتَّى نقع طعامه فما تعشى وإنه لصائم. خرجه الجوزجاني.
وذكر الحسن رحمه اللَّه أنَّ رجلًا من السّلف لقى رجلًا فقال: يا هذا إني أراك قد تغير لونُكَ، ونحل جسمك فمم هذا؟ فقال الآخر: وإنِّي أرى ذلك بك فمم هو؟ قال: أصبحتُ منذ ثلاثة أيام صائمًا فلمَّا أتيت بإفطاري عرضت لي هذه الآية: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ}[إبراهيم: ١٦] الآية فلم أستطع أنْ أتعشى فأصبحت صائمًا فلمَّا أتيتُ بعشائي عرضت لي أيضًا، فلم أستطع أنْ أتعشى فلي ثلاثة أيام منذ أنا صائم قال: يقول الرجل الآخر: وهي التي عملت هذا العمل بي.
وأخرجَ ابن أبي الدنيا مثله عن الحسن نفسه، ثم إن ابنه في اليوم الثالث ذهبَ إلى يحيى البكاء، وثابت البناني، ويزيد الضبى فقال: أدركوا أبي فإنَّه هالك فلم يزالوا به حتَّى سقوه شربة من سويق.
أفق من سكر الغفلة، وتهيأ للنّقلة، وتأمل طعام الزقوم والضريع، وشراب الحميم والصديد البشيع. لِمَا هذا التمادي والمنون بك ينادي كأنِّي بك وليس لك طعام إلا من شجرة الزقوم كالمهل تغلي في البطون كغلي الحميم فتصهر ما فيها يا ظلوم يا عجبًا لمَن يتحرى الرفيعَ مِنْ طعامه وشرابه، ويوقن بالتشييع من داره إلى ترابه كيف لا يتحاشى من شراب المهل على الضريع. وذلك من جوارحه وصديده الشنيع فنسأل اللَّه المعونة والتوفيق والهداية لأقوم طريق:
أخافُ عليك يا نفس استقيمي ... من الزقوم مع شرب الحميم