للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعيد رضي اللَّه عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {كَالْمُهْلِ} قال: "كعكر الزيت، فإذا قرب إلى وجهه سقطت فروة وجهه منه" (١). ورواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. وقال مجاهد: {بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} مثل القيح والدم أسود كعكر الزيت.

والحاصل أن للمفسرين في المهل أقوالًا قيل: هو دردي الزيت، وقيل: الذائب من النحاس والفضة، وقيل: ماء غليظ مثل دردي الزيت، وقيل: هو القيح والدم، وقيل: ماء أسود، وقيل: هو ضرب من القطران واللَّه تعالى أعلم.

ومرّ بعضُ السلفِ على كروم بقرية يقال لها باباذ وهم يعتصرون فيها الخمر فأنشد الرجل بيتًا من الشعر وهو:

بطير باباذ كرم ما مررت به ... إلا تعجبت ممن يشرب الماء

فهتف به هاتف وهو يقول مجيبًا له:

وفي جهنم ماء ما تجرَّعه ... خلق فأبقى له في البطن أمعاء

وقد كان من الخائفين من السلف رضي الله عنهم من ينغص عليهم ذكر طعام أهل النار وشرابهم طعامَ الدنيا وشرابَها حتَّى يمتنعوا من تناوله أحيانًا لذلك.

وكان الإمام أحمد رضي اللَّه عنه يقول: الخوف يمنعني من أكل الطعام والشراب فلا أشتهيه. وأتى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بعشاء وهو صائم فقرأ: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (١٢) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا


(١) رواه أحمد ٣/ ٧٠، وعبد بن حميد (٩٣٠)، والترمذي (٢٥٨١، ٣٣٢٢).