للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: قد استدل الإمام البرزنجي في كتابه "سداد الدّين وسداد الدين في نجاة الوالدين" على نجاة أبي طالب بل وعلى أنه ليس بكافر مخلد في النار بهذه الأحاديث الصحيحة والآثار.

وذلك أن المصطفى أخبر أن شفاعته - صلى الله عليه وسلم - قد نفعت أبا طالب، وأنقذته من غمرات جهنم إلى ضحضاح من نارٍ، ومن المعلوم أن الكفار لا تنفعهم شفاعة الشافعين كما نطق به كلام رب العالمين، فلو كان كافرًا مخلدًا فيها لما نفعته الشفاعة لكنها نفعته فلا يكون كافرًا كذا قال وقد ذكرت في كتابي "تحبير الوَفَاء" من ذلك ما يزيل الظمأ ويجلي عن القلب العمى فليراجعه من أراد الوقوف على تحقيق ذلك (١).

وفي صحيح مسلم عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا ابن آدم: هل رأيت خيرًا قط هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب ويؤتى بأشد أهل الدنيا بؤسًا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة فيقال: يا ابن آدم هل رأيت بؤسًا قط هل مرَّ بك


(١) الصحيح أن أبا طالب مات على الكفر وكون النبي - صلى الله عليه وسلم - شفع فيه فلا يدل على إيمانه ولو كان مؤمناً لما خلد في النار لقوله - صلى الله عليه وسلم - "ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل في النار" فهذا يدل على كفره وكذا قوله: "أهون أهل النار عذاباً" فيدل على الاستمرارية والبقاء نسأل الله السلامة وكما سبق أن القول بنجاة الوالدين فإن هذا يعارض شرط صحة الاعتقاد وهو الأيمان بالله عز وجل ورسله، وانظر هامش (٣) ص ١٤١٦.