للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤس، ولا رأيت شدةً قط" (١).

وفي مسلم عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يقول الله عز وجل لأهونِ أهل النار عذابًا يوم القيامة: لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديًا بها فيقول: نعم فيقول: قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك ولا أدخلك النار فأبيت إلا الشرك" (٢).

واعلم أن تفاوت أهل النار في العذاب بحسب تفاوت أعمالهم القبيحة كما قال سبحانه: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأنعام: ١٣٢] وقال: {جَزَاءً وِفَاقًا} [النبأ: ٢٦] قال ابن عباس (٣): وافق أعمالهم فليس عقاب من يغلظ كفره وأفسد في الأرض ودعا إلى الكفر كمن ليس كذلك قال تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل: ٨٨] وقال: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦].

وكذلك تفاوت عصاة الموحدين من عذب منهم في العذاب بحسب أعمالهم.


(١) رواه مسلم (٢٨٠٧)، وأحمد ٣/ ٢٠٣، وفي "الزهد" ص ٢٤، وعبد بن حميد (١٣١٣)، والبيهقي (٤٣٦).
(٢) رواه أحمد ٣/ ١٢٧، والبخاري (٣٣٣٤)، ومسلم (٢٨٠٥)، وابن أبي عاصم في "السنة" (٩٩)، وأبو نعيم في "الحلية" ٣/ ٧٧.
(٣) أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس كما في "الدر المنثور" ٦/ ٥٠٣.