للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحد ولا ثَمَّ إلا مشركٌ أو جاحدٌ والذين اتبعوه إذ ذاك بين مخافةٍ لا يُظِهرُ أمرَه وبين دخيل على ذي قوة يسند إليه ظهَره وأبو طالب قد شمر عن ساعد الجد والاجتهاد ونادى على رؤوس الأشهاد يقول:

فلا تحسبونا خاذلين محمدا ... لدى غربة منا ولا متقرب

ستمنعه منا يدٌ هاشمية ... مركبها في المجد خير مركب

يمينًا صدقنا الله فيها ولم تكن ... لنحلف بُطْلا بالعتيق المحجب

نفارقه حتَّى تُصرَع حوله ... وما بال تكذيب النبي المقرب

وقد حاربته قريش غثها وسمينها وقاطعته كلها فاجرُها وأمينُها حتَّى إنَّ أخاه أبا لهب جفاه فقام أبو طالب فالتجأ إلى الشعب هو ومن والاه، أليس من كان بهذه المثابة حربًا بأن يخفف عنه من العذاب، ويهون عليه من العقاب (١). ومن يساوي بين أبي طالب وبين أبي جهل بل وبين أبي لهب شتان بين مشرق ومغرب.

وإنما الذي ذكرنا من أيادي أبي طالب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطرة من بحر لجي وقد ذكرت جُلَّ صنائعه معه - صلى الله عليه وسلم - في كتابي "تحبير الوَفَاء" ومع هذا فإني أقول لا أدري ما يفعل بي ولا بكم والله يفعل ما يشاء غير أني لا أتجرأ على أذية أهل بيت المصطفى، وأتبع الوارد عنه - صلى الله عليه وسلم - وأقنع بهذا وكفى.


(١) على ما جاء في السنة النبوية؛ أما من ادعى إسلامه فهذا غير صحيح ولا يقال إن الحكم بكفرانه تجرئ على أذية بيت المصطفى في أهل بيته وبيان حكم الله فيهم، انظر تعليق ص ١٤١٨.