للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعض السلف: إن في النار أقوامًا يُربَطون بنواعَير من نارٍ تدور بهم النواعيرُ وما لهم فيه راحة ولا فترة (١) ومنهم من يلقى في مكان ضيق لا يتمكن فيه من الحركة لضيقه قال تعالى: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣)} [الفرقان: ١٣] (١) قال كعب: إن في النار تنانير ضيقها كضيق زج رمح أحدكم تطبق على قوم بأعمالهم وتقدمت الإشارة إليه أوّلا.

وأخرج أبو نعيم الحافظ عن شفي بن مانع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى يسعون فيما بين الجحيم والحميم يدعون بالويل والثبور ويقول أهل النار بعضهم لبعض: ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى قال: فرجل معلق عليه تابوت من جر ورجل يجر أمعاءه ورجل يسيل فوه قيحًا ودمًا ورجل يأكل لحمَه فيقال: لصاحب التابوت ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى، فيقول: إن الأبعد مات وفي عنقه أموال الناس، ثم يقال للذي يجر أمعاءه: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان لا يبالي أين أصاب البول منه لا يغسله، ثم يقال للذي يسيل فوه قيحًا ودمًا: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان ينظر إلى كلمة فيستلذها كما يستلذ الرفث" وفي رواية: "يعمد إلى كل كلمة خبيثة قذعة أي: فاحشة فيستلذها ثم يقال للذي يأكل لحمه ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى قال: إن الأبعد


(١) صفة النار لابن أبي الدنيا (٤٨) (٢٠٣).