الموحدين، كما أنَّ بعضهم يستغيث بالله لا يستغيث بغيره فيخرج منها، وبعضهم يخرج منها برجائه لله وحده، وبعض من يؤمر به إلى النارِ يتشفع إلى الله، بمعرفته فينجيه منها.
وقد روي عن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: يوقف رجل بين يدي الله عز وجل لا يكون معه حسنة فيقول الله له: اذهب هل تعرف أحدًا من الصالحين أغفر لك بمعرفته فيذهب فيدور مقدار ثلاثين سنة فلا يرى أحدًا فيرجع إلى الله عزَّ وجل فيقول: يا رب لا أرى أحدًا فيقول الله عزَّ وجل: اذهبوا به إلى النار فيتعلق به الزبانية يجرونه فيقول: يارب إن كنت تغفر لي بمعرفة المخلوقين فإني عارف بوحدانيتك، فأنت أحق أن تغفر لي فيقول الله للزبانية: ردوه فإنه كان يعرفني، واخلعوا عليه خلع كرامتي وَدَعُوه يتبحبح في رياض الجنة فإنه عارف بي وأنا له معروف.
قلْتُ: وأخرجَ الدينوري (١) عن صالح المري قال: بلغني أنَّ أهْل النارِ يعذبون بأنواع العذاب فكلَّما عذبوا بنوع من العذاب نقلوا إلى نوع أشد منه فيقولون: ربَّنا عذِّبنا كيف شئت بما شئت، ولا تغضب علينا فإنَّ غضبَكَ أشد علينا من العذاب؛ إذا غضبت ضاقت علينا الأكبال والقيود والسلاسل والأغلال فهذا ربَّما قيل فيه: إنهم ليسوا من الموحدين لما سيأتي أنَّ الموحدين لا يغلون بالأغلال، والقيود والأنكال وقد نطق في هذا الأثر بأنه سبحانه إذا غضب عليهم ضاقت القيود والأغلال عليهم والله أعلم.