فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٥] إلى قوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر: ٤٦] فأخبر أنّ عذابهم إذا بعثوا أشد من عذابهم وهم موتى.
وقال في "مطامح الأفهام": يجوز أن يريد بالإماتة المذكورة أنه أنامهم وقد سمى الله سبحانه النوم وفاة؛ لأن فيه نوعًا من إعدام الحس.
وفي الحديث المرفوع:"إذا أدخل الله الموحدين النار أماتهم فيها فإذا أرادوا أن يخرجوا منها أمسهم العذاب تلك الساعة"(١).
وأنت خبير بأن كلام القرطبي مخالف لكلام صاحب "مطامح الأفهام" وأن الإماتة حقيقية على الصواب سيما بما صرح به في الحديث الذي قدمناه من رجوع الروح إلى الأجساد.
واعلم أنَّ كلام الإمام القرطبي فيه الغث والسمين والحاصل الذي نعتمده مما ذكرنا أن الإماتة حقيقية وإنا نقول قد عذبوا عذابًا أليما قبل الإماتة حتَّى ماتوا وهل ماتوا إلا من شدة ما ذاقوا من العذاب والآلام والأوصاب.
ولله في ذلك حِكَمٌ أُخَر يَدِقُّ فهمها عن كثير من الناس ولطائف لا يدركها عقل ولا قياس فنسأله سبحانه التوفيق والهداية لأقوم طريق.
(١) أخرجه الديلمي في مسند الفردوس ١/ ٢٥٢، قال الألباني في السلسلة الضعيفة (٢٠٢٨) موضوع.