فإذا قالت لك النفس أنا في مقام الرجاء فطالبها بالبرهان وقل هذه أمنيّة فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين فالكيس يعمل أعمال البرّ على الطمع والرّجاء والأحمق العاجز يعطل أعمال البر ويتكل عَلىَ الأماني التي يسميها رجاء.
والحاصل أنَّ حسن الظَّنَّ إن حُمِل على العمل وحثَّ عليه وساق إليه فهو صحيح ونافع، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي والانكباب على الضلالة فهو غرور ضارّ مهلك لصاحبه وقاطع.
وحسن الظن هو الرجاء فن كان رجاؤه حاديًا له على الطاعة زاجرًا له عن المعصية فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاءً ورجاؤه بطالة وتفريطًا فهو المغرور ذكره في الدّاء والدَّواء.
وقال: لو أنّ رجلاً له أرض يؤمّل أن يعود عليه من مغلها ما ينفعه فأهملها ولم يبذرها ولم يحرثها، وحسن ظنه بأنه يأتي من مغلها ما يأتي ممن حرث وبذر وسقى وتعاهد الأرض لعدّه الناس من أسفه السّفهاء، وكذلك لو حسن ظنه وقوي رجاؤه بأنه يجيئه ولد من غير جماع أو يصير أعلم أهل زمانه من غير طلب للعلم وحرص عليه تام وأمثال ذلك فكذلك من حسن ظنه وقوى رجاؤه في الفوز بالدرجات العُلى والنعيم المقيم من غير طاعة ولا تقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وبالله التوفيق.
وقال: ومما ينبغي أن يعلم أن من رجا شيئًا استلزم رجاؤه أمورًا: