والطاعات فهو من الحمق على جانب عظيم وليس الذي هو عليه إلا غرورًا وأمانيّ وسفهًا وبالله التوفيق.
وينبغي لذي اللب الحازم إذا عرض له أمر وزنه بميزان الشرع، فإنه لا يخلو من أن يكون مأمورًا به فليتبعه، أو منهيًا عنه فليتجنبه، فإن حدثته نفسه بعكس ذلك فليجاهدها، فإن غلبت عليه حتَّى وقع في المحذور فليستدرك التوبة، وليرجع إلى مولاه، فإن أبت إلا الثبوت على ذلك فليذكرها هاذم اللذات ومفرق الجماعات، وليتفكر فيما يؤل إليه، وليستحضر نظر مولاه إليه، والوقوف بين يديه، وليتصور العرض عليه، وليعرض لذة المعصية على خزيها، ويتصور انفضاحه على رؤوس الأشهاد في يوم التناد، وكيف حاله إذا قرب المولي أقرانه وأبعد مكانه ما حاله في تلك الساعة وما سقط في يده من فوات تلك البضاعة وما آل إليه من الفضيحة والفضاعة.
قال الإمام ابن الجوزي في كتابه "صيد الخاطر": تأملتُ شهواتَ الدنيا فرأيتها مصائد هلاك، وفخوخ تلف، فمن قوي عقله على طبعه وحكم عليه سلم ومن غلب طبعه فيا سرعة هلكته.
فنسأل الله سبحانه العافية والتوفيق والهداية لأقوم طريق.
وهذا الفصل ذكرناه اْستطرادًا لما ذكرنا حال الموحدين إذا دخلوا دار البوار، وحلوا في الباب الأول من النار، ولنرجع إلى المقصود مستمدين العون من المعبود.