للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب "السنة" (١) عن خارجة بن مصعب أنه قال: كفرت الجهمية بثلاث آيات من كتاب الله عزَّ وجل يقول الله سبحانه {أُكُلُهَا دَائِمٌ} [الرعد: ٣٥] وهم يقولون: لا يدوم لها أكل ولا أهل، ويقول الله: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (٥٤)} [ص: ٥٤] وهم يقولون ينفد ويقول الله: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: ٩٦] وهم يقولون: لا بقاء له.

الوجه الثاني أنه لا دليل لهذا القول إلا مجرد توهمات وقياسات فلسفية لا نعوّل على شيء منها معشر المسلمين.

فإن قلت: أليس يقول الله: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)} [هود: ١٠٨].

قلنا بلى وهي دليل عليكم لا لكم فإن قوله تعالى: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي غير مقطوع ومن المعلوم أن غير المقطوع دائم لا محالة، وأما ما يخيل لكم من الاْستئناء في الآية الكريمة فهو راجع للذين يخرجون من النار فيدخلون الجنة يقول سبحانه إنهم خالدون في الجنة مادامت السماوات والأرض إلا مدة مكثهم في النار؛ قاله معمر عن الضّحاك قال المحقق: وهو يحتمل أمرين:

أحدهما: أن يكون الإخبار عن الذين سعدوا وقع عن قوم مخصوصين وهم هؤلاء.

والثاني: وهو الأظهر أن يكون وقع عن جملة السعداء


(١) "السنة" ١/ ١٣٠.