فأمر بالتوبة من الكبائر والصغائر فالنظر صغيرة ولا جرم أن الزنا كبيرة.
وذكر التوبة بعد ذلك بصيغة الأمر التي موضوعها الوجوب وأمر بالتوبة من الصغائر بخصوصها في قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحجرات: ١١].
وزعمت طائفة من المعتزلة عدم الوجوب من الصغائر.
وقالت طائفة من المتأخرين: يجب أحد أمرين: إما التوبة، أو الإتيان ببعض المكفرات للذنوب من الحسنات.
وحكى ابن عطية في "تفسيره"(١) قولين في تكفير الصغائر باجتناب الكبائر أحدهما: نعم. وحكاه عن بعض أصحاب الحديث والفقهاء وأنه يقطع بتكفيرها بذلك لظاهر الآية يعني قوله:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء: ٣١].
وقيل: لا يقطع بذلك وحكاه عن الأصوليين بل يظن ذلك ولا يقطع به إذ لو قطع بتكفيرها لكانت في حكم المباح الذي لا تبعة فيه وذلك نقض لعُرى الشريعة.
قال الحافظ: قُلْتُ: قد يقال: لا يقطع بتكفيرها لأنَّ أحاديث التكفير المطلقة بالأعمال جاءت مقيدة بتحسين العمل كما ورد ذلك