وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إن عبدًا أصاب ذنبًا فقال يا رب إني أذنبت ذنبًا فاغفره لي فقال له ربه علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب. ويأخذ به فغفر له ثمَّ مكث ما شاء الله ثمَّ أصاب ذنبًا آخر وربما قَالَ: ثمَّ أذنب ذنبًا آخر فقال: يا رب إني أذنبت ذنبًا آخر فاغفر لي قَالَ: ربه علم عبدي أن له ربّا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له ثمَّ مكث ما شاء الله ثمَّ أصاب ذنبًا آخر وربما قَالَ: ثمَّ أذنب ذنبًا آخر فقال: يا رب إني أذنبت ذنبًا فاغفره لي فقال ربه علم عبدي أن له ربّا يغفر الذنب ويأخذ به فقال: ربه غفرت لعبدي فليعمل ما شاء"(١).
قال الحافظ المنذري معناه والله أعلم: أنَّه ما دام كلما أذنب ذنبًا استغفر وتاب منه ولم يعد إليه بدليل قوله ثمَّ أصاب ذنبًا آخر فليفعل إذا كان هذا دأبه ما شاء لأنه كلما أذنب كانت توبته واستغفاره كفارة لذنبه فلا يضره لا أنَّه يذنب الذنب فيستغفر منه بلسانه من غير إقلاع ثمَّ يعاوده فإن هذه توبة الكذابين انتهى.
ولا يخفى أن الحافظ المنذري سكت عمن تاب من ذنب وأقلع عنه وعزم أن لا يعود إليه أبدًا ثمَّ عاد إليه والحكم فيه كالذي عاد إلى
(١) رواه أحمد ٢/ ٢٩٦، ومسلم (٢٣٧٩)، وابن ماجه (٢١٥٠)، وابن حبَّان (٥١٤٢)