للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولذا قيل من شرب من كأس المحبة وقف مع مراد محبه، ولقد أحسن من قال:

وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم

أجد الملامة في هواك لذيذة ... حياء لذكرك فليلمني اللُّوَّمُ

والخامس: متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو طاعته وامتثال ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، والوقوف عند هديه من غير تحريف ولا إلحاد.

قال الحسن: كان ناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: يا رسول الله إنا نحبّ ربنا حبًّا شديدًا فأحب الله أن يجعل لحبه علمًا فأنزل الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} (١) [آل عمران: ٣١] الآية.

والحاصل أنَّه لا يوصل إلى الله تعالى إلا من طريق رسوله محمَّد - صلى الله عليه وسلم - باتباعه وطاعته، كما قال الجنيد قدس الله روحَه: الطرق إلى الله مسدودة إلا من اقتفى أثر الرسول - صلى الله عليه وسلم - (٢)، ومن ثَمَّ قال شيخ الإِسلام قدَّس الله روحه: من زعم أنَّه يصل إلى الله من غير طريق الرسول، أو أنَّه لا يحتاج إلى هديه، أو أن من عرف الله لا يلزمه اقتفاء أثره فقد كفر.

ولقد وقفت على كلام أناس ممن زعم أنَّه عرف الله، وأنه من أهل الحقيقة لا يشبه كلام أهل الإِسلام بل سمعت كلامًا من بعض


(١) ذكره ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" ١/ ٢١٢.
(٢) رواه أبو نعيم في "الحلية" ١٠/ ٢٥٧.