للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد غصت العين بالدموع وقد وضعت خدي على بنان يدي (١)

ومن كان وقته وقت قرب وصفاء ووصل ووفاء فهو يقول:

كم ليلةٍ قضيتها ساهرًا ... لما تولى هجركم معرضا

أطوف في ظلمائها مبصرًا ... وليس ضوء مثل ضوء الرضا

والأول يقول ولبه بالغرام مذهول يتطلب الوصال، وقد صال عليه الغرام فقطع الأوصال وصاح يا صاح وليس ثامل كصاح فهو ينشد:

سروري من الدهر لقياكم ... ودار سلامي مغناكم

إذا ازدحمت في فؤادي الهموم ... أروّح قلبي بذكراكم

وأستنشق الريح من أرضكم ... لعلي أحظى برؤياكم

فلا تنسوا العهد فيما مضى ... فلسنا مدى الدهر ننساكم

واعلم أن الشوق إلى رب العالمين درجة عالية رفيعة تنشأ من قوة محبة الله سبجانه وسهر الليالي في طاعته، وأما من يطلب محبة الله والشوق إلى لقائه ونام الليل وأفطر النهار فإنما يطلب جذوة نار في بحر من الماء ما له قرار، أو كطالب ماءٍ من نارٍ وأنَّى بذلك فما في النّار للظمآن ماء.

وكان من دعائه - صلى الله عليه وسلم -: "وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك" (٢) رواه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم عن عمار


(١) الأبيات لأحمد بن يوسف.
(٢) أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (١٩٧١)، والنسائي في "السنن الكبرى" ١/ ٣٨٧.