للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشمّروا تشمير الجهابذة الحذاق، حتى اتصلوا بالواحد الخلاق، فشردهم في الشواهق عن الخلائق لا تأويهم دار، ولا يقرُّ لهم قرار، فالنظر إليهم اعتبار، ومحبتهم افتخار، وهم صفوة الأبرار، ورهبان أخيار مدحهم الجبار، ووصفهم النبي المختار، إن حضروا لم يُعرفوا وإن غابوا لم يُفتقدوا وإن ماتوا لم يشهدوا.

ثم أنشأ يقول:

كن من جميع الخلق مستوحشًا ... من الورى تسري إلى الحق

واصبر فبالصبر تنال المنى ... وارض بما يجري من الرزق

واحذر من النطق وآفاته ... فآفة المؤمن في النطق

وجِدَّ في السير ممرًا كما ... شمر أهل السبق للسبق

أولئك الصفوة ممن سما ... وخيرة الله من الخلق

قال: فأنسيت الدنيا عند (١) حديثه ثم ولىَّ هاربًا فأنا متأسف عليه.

المقصد الرابع: فى رضا المحبين بمر الأقدار والتذاذهم بما يبتليهم به العزيز الجبار كان من دعائه عليه الصلاة والسلام: "أسألك الرضا بعد القضاء وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك" (٢).

وأخرج الترمذي عن أنس مرفوعًا: "أن الله إذا أحبّ قومًا ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط" (٣).


(١) في الأصل (عن) وما أثبتناه من صفة الصفوة ٤/ ٢١٠.
(٢) أخرجه ابن حبان في "صحيحه" ٥/ ٣٠٥، والنسائي في "الكبرى" ١/ ٣٨٧.
(٣) أخرجه الترمذي (٢٣٩٦)، وابن ماجه (٤٠٣١)، وقال الترمذي: حسن غريب من هَذَا الوجه.