والده فسلم عليه ثم صرفه مع الخدم فقال: انتظر أي شيء يراد بك وأنشأ سيدنا إبراهيم طيب الله ثراه يقول:
هجرت الخلق طرًّا في هواكا ... وأيتمت العيال لكي أراكا
فلو قطعتني في الحب إربا ... لما حن الفؤاد إلى سواكا
ذكره الحافظ في "استنشاق نسيم الأنس"(١) وذكر فيه عن عبد الواحد بن زياد قَالَ: خرجت إلى ناحية البصرة فإذا إنسان اسود، مجذوم قَدْ تقطعت كل جارحة لَهُ من الجذام، وعمي وأُقعد، وإذا الصبيان يرمونه بالحجارة حتَّى دموا وجهه، فرأيته يحرك شفتيه، فدنوت منه لأسمع ما يقول، فإذا هو يقول: يا سيدي إنك لتعلم أنك لو قرضت لحمي بالمقاريض، ونشرت عظامي بالمناشير، ما ازددت لك إلا حبًا، فاصنع بي ما شئت، أخرجه ابن أبي الدنيا.
وقال الأوزاعي: حَدَّثَنِي بعض الحكماء قَالَ: رأيت رجلا قد ذهبت يداه ورجلاه وهو يقول: اللَّهُمَّ إني أحمدك حمدًا يوافي محامد خلقك لتفضلك عَلَيّ على سائر خلقك؛ إذ فضلتني عَلَى كثير ممن خلقت تفضيلاً فقلت له: عَلَى أي نعمة تحمد؟ فقال: أليس قَدْ ترى ما صنع بي، قُلْتُ: بلى، قَالَ: فوالله لو أن الله صب عليَّ السماء نارًا فأحرقني وأمر الجبال فدمرتني، وأمر البحار فغرقتني، وأمر الأرض فخسفت بي، ما ازددت لَهُ إلا حبًا، وما ازددت لَهُ إلا شكرًا.