للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفكر فقلت له: هذا بشر الحافي فتبرك (١) به فقال له: يا أبا نصر ما جزاء من خالف محبوبه؟ قال: أن يقتل بسيوف العتاب ثم يحرق بنار الهوى، ثم يذرى فى هوى الذل فإن شاء جمعه وإن شاء قمعه، فشهق الغلام لما سمع ذلك ووقع ولم يزل يئن ويرتعد ويشهق إلى أن مات فندمت على ذلك وواريناه مكانه في ثوب إحرامه رحمة الله تعالى عليه، وما أحسن ما قيل:

يا سائلي كيف مات العاشقون فما ... ماتوا ولكن بأسياف الهوى قتلوا

وقال الفضيل رحمه الله: رأيت بالموقف شابًا ساكنًا وعليه أثر الذلة والخشوع والناس يسألون الحوائج فقلت: يا فتى أخرج يدك وسل حاجة فقال لي: يا شيخ وقعت مني وحشة وليس لي ثم وجه قلت: فإن كان الأمر كذلك فالوقت يفوت فقال لي: لابد فلما أراد أن يرفع يديه بالدعاء صاح صيحة وخرّ ميتًا.

وفي "زبدة الأعمال" عن أبي بكر الكتاني قال: رأيت فقيرًا ميتًا وهو يضحك فقلت له: تضحك وأنت ميت فقال: هكذا محبَّو الله، وقال بعضهم: عاهدت الله أن لا أنظر إلى حسان الوجوه فبينما أنا في الطواف وإذا بامرأة حسناء فتأملت فيها تعجبًا؛ فإذا بسهم من الهوى قد وقع على إحدى عيني فإذا عليه مكتوب نظرت بعين الغيرة فرميناك بسهم الأدب فلو نظرت بعين الشهوة رميناك بسهم القطيعة.


(١) التبرك بآثار الصالحين لا يجوز بل هو من البدع المحرمة.