اليهودي فقلت: كان لك على صعب شيء، قال: رَحمَ الله صَعبًا كان من أخيار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي له قلت لتخبرني قال: نعم. أسلفْتُه عشرةَ دنانير قال: فمددتها إليه قال هي والله بأعيانها قال: قلت: هذه واحدة فقلت هل حدَث فيكم حدث بعد موته؟ قالوا: نعم، حدث فينا كذا قلتُ: اذكروه. قالوا: نعم هرّة ماتت منذ أيام فقلت هاتان اثنتان. قلت: أين ابنت أخي؟ قالوا: تلعب فأتيت بها فمسكتها فإذا هي محمومة، فقلت: استوصوا بها معروفًا، فماتت لستّة أيام (١).
قال المحقق: وهذا من فقه عوف رحمه الله ورضي عنه وكان من الصَّحابة حيثُ نفَّذَ وصيّة الصعب بن جثامة بعد موته وعلم صحّة قوله بالقرائن التي أخبر بها من أنّ الدّنانير عشرة وهي في القرن، ثم سأل اليهوديّ فطابقَ قوله لما في الرّؤيا فجزم عوف بصحة الأمر، فأعطى اليهودي الدنانير، وهذا فقه إنما يليق بأفقه الناس وأعلمهم وهم الصحابة رضي الله عنهم ولعل أكثر المتأخرين ينكر ذلك، ويقول: كَيفَ جاز لعوفٍ أنْ ينقل الدنانير من تركة صعب، وهي لأيتامه وورثته إلى يهودي بمنام؟
قال المحقق: ونظير هذا من الفقه الذي خصهم الله به دون الناس، قصّة ثابت بن قيس بن شمّاس، وقد ذكرها أبو عمر بن عبد البر وأخرجها مالك محن محمد بن مالك الأنصاري عن ثابت بن
(١) "شعب الإيمان" ١/ ٤٥٠ وذكر بعضه البخاري في "التاريخ الصغير" ١/ ٣٩.