للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على النعش، فإنها تسمع كلامَ الناس من متكلم بخير، ومن متكلم بشر، فإذا وصل إلى قبره، وصُلِّيَ عليه رُدّت فيه الرّوح وأقعد ودخل عليه الملكان كما سيأتي.

وأخرج البخاري ومسلم عن أنس أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - وقف على قتلى بدر فقال عمرُ: يا رسول الله، كيف تكلِّم أجسادًا لا أرواح فيها؟، فقال: "يا فُلان بنُ فلان هل وجدتم ما وعد ربكم حقا"، فإنّي وجدت ما وعدني ربّي حقا، فقال: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، غير أنهم لا يستطيعون أن يردّوا على شيء" (١).

وأخرج أبو الشيخ، من مُرسل عبيد بن مرزوق قال: كانت امرأةٌ بالمدينة تقُمُّ المسجد، أي تكنسه فماتت فلم يعلم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرّ على قبرها فقال: ما هذا القبر؟ فقالوا: أمّ محجن، قال: "التي كانت تقمّ المسجد؟ " قالوا: نعم فصفّ النَّاس فصلَّى عليها، فقال: "أيّ العمل وجدتِ أفضل؟ " قالوا: يا رسول الله أتسمع؟ قال: "ما أنتم بأسمع منها"، فذكر أنها أجابته: قَمُّ المسجد.

وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وُضعت الجنازة واحتملها الرّجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت قدّموني، وإن كانت غير صالحة، قالت: يا ويلها أين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلّا الإنسان، ولو يسمعه الإنسان لصعق" (٢).


(١) رواه البخاري (٣٩٧٦) ومسلم (١٧٧٩).
(٢) رواه البخاري (١٣١٤) و (١٣١٦) و (١٣٨٠).