للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الضحاك: توفى أخ لي، فدُفِن قبل أن ألحق جنازته، فأتيت قبره فاستمعت عليه، فإذا هو يقول: ربي الله، الإسلام ديني.

وخرّج ابن أبي الدنيا حكاية في "كتاب القبور"، عن يزيد بن حوشب قال: كنت جالسًا عند يوسف بن عَمرو إلى جنبه رجل كأن شقّ وجهه صفحة من حديد، فقال له يوسف: حدَّثَ يزيد بما رأيت قال: كنتُ شابًا قد أتيتُ هذه الفواحش، فلما وقع الطاعون قلت: أخرج إلى ثغر من هذه الثغور، ثم رأيتُ أن أحفر القبور، فإني لليلة بين المغرب والعشاء، قد حفرت قبرًا، وأنا متكئ على تراب آخر، إذ أقبل بجنازة رجل، حتى دُفن، في ذلك القبر، وسَوّينا عليه التراب (١) فأقبل طائران أبيضان من المغرب، مثل البعيرين، حتى سقط أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، ثم أثاراه، ثم تدلى أحدهما في القبر والآخر على شفيره، قال: فجئت حتى جلست على شفير القبر، وكنت رجلًا لا يملأ جوفي شيء، قال: فضرب بيده إلى حقوه فسمعته يقول ألست الزائر لأصهارك في ثوبين تسحبهما كبرا تمشي الخيلاء فقال: أنا أضعف من ذلك، قال فضربه ضربة امتلأ القبر ماء أو دمًا (٢) قال: ثمّ عاد فعاد عليه القول مثل الأوّل، حتى ضربه حتى فاض، ثلاث ضربات كل ذلك يقول له ويذكر أنّ القبر يفيض ماء أو دمًا قال: ثم رفع رأسه، فنظر إليّ


(١) كلمة (التراب) ليست في (ب)، وكذلك في كتاب القبور (٩٨).
(٢) في (ب): (دهنًا) بدلًا من (دمًا) وتكرر ذلك عدة مرات.