للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي صحيح مسلم عن عليّ كرّم الله وجهه: "لا تَدَعْ تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلّا سوّيته" (١).

وإنما قالت العُلماء: يُسنَّم القبرُ ليعرف فيحترم، لا أنه يُتّخذ مَعبدًا فيمُنع من الارتفاع الكثير الذي كانت الجاهلية تفعله، فإنها كانت تُعلى عليها، وتبني فوقها تفخيمًا وتعظيمًا، ومن ثَمّ شَدّد النكير الإمامُ المحققُ غاية التشديد على فعل ذلك (٢)، وقال: إن فاعل ذلك من إخوان الكفار عَبَدةِ الأحجار. ذكره في المجلد الثاني من "الهدى" (٣).

وما أحسن قول القائل:

أرى أهل القُصور إذا أميتوا ... بنوا في المقابر بالصّخور

أبَواْ إلّا مُباهاة وفَخْرًا ... على الفُقراء حتى في القبور

لعمرُك لو كشفْتَ التّرب عنهم ... لمَا تدْرِي الغنيَّ من الفقير

ولا الجلدَ المباشرَ ثوبَ صوفٍ ... من الجلد المباشِر للحرير

إذا أكلَ الثّرى هذا وهذا ... فما فضلُ الغنيّ على الفقير

يا هذا أين الذي جمعتَهُ من المال؟ وأعددتَه للشدائد والأهوال.

لقد أصبحت كفك منه صفرًا، وبُدّلت من بَعد غناك فقرا، فكيف أصبحت يا رهين أوزاره؟!

ويا من سُلِب من ماله وداره؟!

ما كان أخَفى عليك سبيل الرّشاد، وأقل اهتمامك بحمل الزاد،


(١) مسلم (٩٦٩) وقال في رواية: "ولا صورة إلا طمستَها".
(٢) في (ب) تقديم وتأخير في بعض العبارات.
(٣) "زاد المعاد" ١/ ٥٢٤.