للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خرج علينا إنسان من قبر يلتهبُ وجهه ورأسه نارًا، في جَامِعَةٍ من حديد، قال: اسقني اسقني، وخرج في إثره إنسان يقول: لا تسقه إنه لكافر، فأدركه وأخذ بطرف السلسلة، فسلبه ثم جره، حتى دخلا القبر جميعًا، قال: الحويرث، فصارت الناقة، لا أقدر منها على شيء، حتَّى التَّوَتْ بعِرْقِ الظُّبْية (١) فبركت، فصَليتُ المغرب والعشاء، ثم ركبت حتى أصبحت بالمدينة، فأتيت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه فأخبرته، قال: يا حويرث: والله ما أتهمك، ولقد أخبرتني خبرًا شديدًا، فأرسل عُمر إلى مشيخة من كتفي الصفراء، وقد أدركوا الجاهلية، ثُم دعا الحويرث فقال: إن هذا أخبرني ولست أتهمه، حدّثهم يا حويرث ما حدثتني، فحدّثهم فقالوا: قد عرفنا هذا يا أمير المؤمنين، هذا رجلٌ من بني غفار، مات في الجاهلية، ولم يكن يرى للضيف حقًا، فحمد الله عمر وسُرّ بذلك حين أخبروه أنه مات في الجاهلية (٢).

وروى هشام بن عمار في كتاب "البعث" (٣)، عن يحيى بن حمزة، حدثني النعمان عن مكحول: أن رجلًا أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد ابيض نصف رأسه ونصف لحيته، فقال لهُ عُمر رضي الله عنه: ما بالك؟ فقال: مررتُ بمقبرة بني فلان ليلًا، فإذا رجل يطلب رجلًا بسوط من نار، كلما لحقه ضربه فاشتعل ما بين


(١) عرق الظبية: بين مكة والمدينة. معجم البلدان ٤/ ١٠٨.
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "من عاش بعد الموت" (٥٦).
(٣) "أهوال القبور" ص ١٠٣.