للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليلتها، ثم لا يعود إليه إلى يوم القيامة، قال: وإن مات ليلة الجمعة أو يومها، يكونُ له العذابُ ساعة واحدة، وضغطة القبر كذلك، ثم ينقطع عنه العذاب، ولا يعود إليه انتهى.

قُلْتُ: وهذا إنما هو مُجردُ زعم لا دليلَ عليه، فيجبُ أن يُطرحَ ولا يصغى له من ذاق شيئًا من حديث الصادق المصدوق، - صلى الله عليه وسلم -، فإنه جزم بأن عذابَ القبر يُرفعُ في جميع شهر رمضان، وقد علمتَ أنَّ الحديث ضعيف، والضعيف لا يبني عليه مثلُ هذا الأصل العظيم، ثم إنه تجازف، فزعمَ أنّ الكافر يُرفعُ عنه العذاب أيضًا، وقد علمتَ مما ذكرنا فيه آنفًا في كلام المحقق، ثم إنه على ما زعم؛ لا تُعذبُ عصاةُ المسلمين إلا جمعةً واحدة، هذا على ما زعم أكثرهُمْ عذابًا؛ لأنةَم إذا أتت عليهم ليلة الجمعة، انقطع ذلك عنهم، ثم لا يعودُ وما أحسنَ هذا؛ لو كان له دليل، يُعولُ عليه، أو مُسَّتندٌ يُستنّدُ إليه؛ لكن مُجرد الزعم والحدس لا يُثبَتُ به مثل هذا، والله أعلم.

فائدتان:

الأولى: ذكر المحقق، في "بدائع الفوائد" (١) ما نصُّه: نقلت من خط القاضي أبي يعلى في تعاليقه: لابد من انقطاع عذاب القبر لأنه من عذاب الدنيا، والدُّنيا وما فيها منقطع، فلابُدّ أن يلحقهم الفناء والبلاء، ولا يعرف مقدار مدة ذلك.

قال السيوطي (٢): ويؤيد هذا، ما أخرجه هنادٌ في "الزهد"، عن


(١) "بدائع الفوائد" (٣/ ١٠٥) "شرح الصدور" ص ٢٤٨.
(٢) هناد في "الزهد" (٣١٧) "شرح الصدور" ص ٢٤٨.