للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمامة خضراء، وهو في مكان متسع، كأنه روضة وهو يرقى في درج مرتفعة، فقلت يا عماد الدين: كيف بت فإني والله متفكر فيك فنظر إليّ وتبسّم على عادته وقال:

رأيتُ إلهي حين أنزلت حفرتي ... وفارقتُ أصحابي وأهلي وجيرتي

فقال جزيت الخير عني فإنني ... رضيتُ فها عَفْوى لديك ورحمتي

دأبتَ زمانًا تأملُ العفو والرضى ... فَوقِّيتَ نيراني، ولقيتَ جَنَّتي

قال: فانتبهتُ مرعوبًا، وكتبتُ الأبيات.

قال الحافظ في الطبقات: وَذُكِرَ أيضًا هذا المنام، عن أبي المظفر السبط. قُلْتُ: وكذا ذكره الشيخُ عبد الرحمن العليمي، في طبقاته المسمَّى بـ "المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد"، رضي الله عنهم، وفي "طبقات" الحافظ ابن رجب، بَعد هذا عن الضّياء، قال: رُئي الحافظ العماد في النوم على حصان، فقيل له: إلى أين؟ قال: أزور الجبّار (١).

ورآه آخر فقال: ما فعل الله بك؟ فقال: {يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧)} [يس: ٢٦، ٢٧]، والله أعلم.

وقال سفيانُ بنُ عُيينة: رأيت سُفيان الثوريّ يطيرُ من نخلة إلى تحلة، ومن شجرة إلى شجرة، وهو يقول: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١)} [الصافات: آية ٦١]، فقيل له: بما أدْخلت الجنّة؟ فقال: بالورع، قيل له: فما فَعلَ عليُّ بنُ عاصم؟ قال: ما نراهُ إلا مثلَ


(١) الخبر في "سير أعلام النبلاء" ٢٢/ ٥٠.