للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا قال الإمام أحمد نَضَّرَ الله وجهه: هُو يُرجى لأبويه، فكيف يشك فيه؟ يعني أنه يُرجى لأبويه دخول الجنة بسببه.

قال الحافظ: ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، نهي أولاً عن الشهادة لأطفال المسلمين بالجنة قبل أن يطَّلع على ذلك؛ لأن الشهادة على ذلك، تحتاجُ إلى علم به، ثم أطلع على ذلك فأخَبَرَ به (١)، واعترض بعضُهم هذا التوجيه بأن سورة الطور مكية، وقد دلّت على تبعيتهم، وأقول هذا الاْعتراض ساقط فإنا إن قلنا بالتبعية، فلا يُقطع لأطفال المسلمين كما لا يُقطع لآبائهم قلنا: لا نقطعُ لأحد أنَّه من أهل الجنة، إلَّا من قَطَع له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ولكن: نرجوا من الله ذلك.

وعندي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما نهى عائشة عن ذلك، لمسارعتها للشهادة له، من غير توقيف منه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا كما لا يجوز للحاكم أن يحكم بغير علم، وإن صادف الحق، فكأنّ عائشة قالت ذلك باجتهاد منها، وفيه أنه يَبعد من مثل عائشة، أن تتكلم بمثل هذا الكلام من غير توقيف، ويُجابُ بأنه - صلى الله عليه وسلم -، لو أوقفها على ذلك لم ينهها عنه، وأيضًا هي رضي الله عنها، لمَّا علمت أن الطفل غير مكلف، وأنه ما ألمَّ بسيّئة قطّ، شهدت له بأنَّه من عصافير الجنة، والله سبحانه أعلمُ بالصواب.

وقال بعضُ العلماء: يُحتملُ أن يَكونا أبوا الطفل (٢) منافقين، فيكونَ الصبى بين كافرين، والله أعلم.


(١) "أهوال القبور" ١٧٠ - ١٧٦.
(٢) في (ب)، (ط): (أبوى).