أرواحهم على جوف طير خضر كقوله تعالى:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه: ٧١] أي على جذوع النخل، وجائز أن تسمَّى الطيرُ جوفًا إذا هي مُحيط به، ومُشتمل عليه.
قاله الحافظ عبد الحق الإشبيلي، في "العاقبة" وقال غيره: لا مانع من أن تكون في الأجواف حقيقة، ويوسعها الله لها، حتى يمون أوسع من الفضاء.
وقال ابن دحية في "التنوير"(١): قال قومٌ من المتكلمين هذه رواية منكرة، إذ لا تكون روحان في جسد واحد، فإن ذلك محال، وقولهم جهل بالحقائق، واعتراض على السّنّة الثابتة، فإنّ معنى الكلام بَيّنٌ، فإن روح الشهيد، الذي كان في جوف جسده في الدنيا، يجعل في جوف جسد آخر، كأنّه صورة طائر فيكون في الجسد الآخر، كما كان في الأوّل وذكر مدّة البرزخ، إلى أن يعيده الله يوم القيامة كما خلقه، وإنما الذي يَستحيل في العقل: قيامُ حياتين بجوهر واحد، فيحْيىَ الجوهر بهما جميعًا، وأما روحان في جسد، فليس بمحال إذ لم نقل بتداخل الأجسام، فهذا الجنين في بطن أمه وروحه غير روحها، وقد اْشتمل عليهما جسد واحد، وهذا أقرب لو قيل لهم: إن الطائر له روح غير روح الشهيد، وهما في جسد واحد، فكيف؟ وإنما قيل في أجواف طير خضر، أي: في صورة طير، كما تقول ملكاً في صورة إنسان، وهذا في غاية البيان. اْنتهى