للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: ليس هذه بأوّل جناية من المتكلمين على السنة الغراء، بل هم غالبًا نابِذُوها خلف ظهورهم، فالله يأخذ منهم ومن أتباعهم، فالحقُ للديان، والذي جزم به المحقق وابن عبد السلام، وجمعٌ أن أرواح الشهداء كما قال الصادق في جوف طير خضر ولا حاجة إلى تأويل؛ غير أنّ الشهداء يتفاوتون، والله الموفق.

القسم الثاني: أهل التكليف من المؤمنين سوى الشهداء. وقد اْختلف العُلماء فيهم قديمًا وحديثًا، والمنصوص عن الإمام أحمد رضي الله عنه، أن أرواح المؤمنين في الجنة، وأرواح الكفار في النار.

قال الخلالُ في كتاب السنة، من رواية حنبل سمعتُ أبا عبد الله يقول: أرواحُ الكفار في النار، وأرواح المؤمنين في الجنة، وفي موضع آخر عن حنبل قال: قال عميّ رضي الله عنه: أرواح المؤمنين في الجنة، وأرواح الكفار في النار، والأبدان في الدنيا يُعذّب الله من يشاء، ويرحم من يشاء، قال أبو عبد الله ولا نقول إنهما يفنيان، بل هما على علم الله باقيان، يبلغ النه فيهما علمه نسأل الله التثبيت وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا.

وقوله ولا نقول إنهما يفنيان، يعني: الجنة والنار، فإنّ في أوّل الكلام عن حنبل، أن أبا عبد الله حكى قصّة ضرار، وحكايته واختلاف العلماء في خلق الجنّة والنار، وأن القاضي أهدر دمَ ضرار لذلك، فاستخفى إلى أن مات، وأن أبا عبد الله قال: هذا كُفر يعني القول بأنهما لم يُخلقا بعد، وسيأتي الكلامُ على هذا مبسوطًا (١).


(١) "أهوال القبور" ص ١٧٧.