لها، وقد اختلف الناس في الأرض المذكورة هنا، فقال سعيد بن جبير عن ابن عباس (١): هي أرض الجنة وهو قول أكثر المفسرين، وعن ابن عباس أنها الدنيا التي فتحها الله على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وصححه المحقق وقالت طائفة من المفسرين: المرادُ بذلك أرض بيت المقدس.
قال المحقق: هي يعني: أرض بيت المقّدس من الأرض التي أورثها الله عباده الصالحين، وليسَت الآية مختصة بها، وهذا بناء على ما ذهب إليه من أن المراد بها: ما فُتح على هذه الأمة من الدنيا، والله أعلم.
وزعمت طائفة أن أرواح المؤمنين تجتمع ببئر زمزم، وقد قدّمنا في حكاية صاحب الذهب، ما يدل على ذلك لكن قال المحقق: هذا لا دليل عليه من كتاب ولا سنة، ولا يجب التسليم له، ولا يوثق به، إلى أن قال: وبالجملة، فهذا أَبطلُ الأقوال وأفسدها، وهو أفسد مِن قول من قال إنها بالجابية.
وقالت طائفة: هي في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت، وهو مرويّ عن سلمان الفارسي.
قال المحقق: البرزخُ هو الحاجز بين شيئين، وكأن سلمان أراد أنها بين الدنيا والآخرة مرسلة، هناك تذهبُ حيث شاءت قال: هذا قول قوي فإنها قد فارقت الدنيا، ولم تلج الآخرة، بل هي في برزخ بينهما فأرواحُ المؤمنين في برزخ واسمع، فيه الرَّوحُ والريحان والنعيم، وأرواحُ الكفار في برزخ ضيّق، فيه الغم والعذاب، قال تعالى: {وَمِنْ
(١) انظر "الدر المنثور" في تفسير آية الأنبياء (١٠٥).