للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الحافظ ابن رجب، عن خالد بن خداش، قال: كنتُ أقعد إلى وسيم البلخي، عمّ قتيبة وكان أعمى، وكان يحدث ويقول آوه من القبر وظلمته، واللحد وضيقه، كيفَ أصنع ثم يغمى عليه، ثم يعود فيحدّث ويصنع ذلك مرات حتى يقوم (١).

وأخرج ابن أبي الدنيا عن وهب ابن الورد قال: نظر ابن مطيع ذات يوم إلى داره، فأعجبه حسنها فبكى ثم قال: والله لولا الموتُ لكنت بكِ مسرورا، ولولا ما نصيرُ إليه من ضيق القبور، لقرّتْ بالدُنيا أعيننا، ثم بَكَى بُكَّاءً شديدا حتى ارتفع صوته (٢).

وذكر ابن أبي الدنيا أيضًا عن محمد بن حرب المكي قال: قدم علينا أبو عبد الرحمن العمري العابد، فاجتمعنا إليه وأتاه وُجوه أهل مكة، قال فرفع رأسه، فلما نظر إلى القصور المحدقة بالكعبة، نادى بأعلى صوته: يا أصحاب القصور المشيدة، اذكروا ظلمة القبور الموحشة، يا أهل التنعم والتلذذ، اذكروا الدّود والصّديد، وبلي الأجساد في التراب، قال ثم غلبته عيناه فنام (٣).

وذُكِرَ أنّ سعيدَ بنَ عبد العزيز دخلَ على سُليمان الخَواّص فقال: ما لي أراك في الظلمة؟ فقال: ظلمةُ القبر أشدّ (٤).


(١) "أهوال القبور" ص ٢٠٩.
(٢) "ذكر الموت" ص ٧٠ (١٢٨).
(٣) الخبر في "حلية الأولياء" ٨/ ٢٨٥ و"سير أعلام النبلاء" ٨/ ٣٧٦.
(٤) حلية الأولياء ٨/ ٢٧٧، و"سير أعلام النبلاء" ٨/ ١٧٩، "صفة الصفوة" ٤/ ٢٧٣. "أهوال القبور" ص ٢١١: ٢١٣.