للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الحافظ في "أهوال القبور" عن أبي المصرخي قال: خرجتُ غازيًا فمررت ببعض حُصُون الشام، فوجدت بابَ الحصن مغلقًا، ومقبرة على الباب، فبتُّ بجنب المقبرة بالقرب من قبر محفور، فلما نمت إذا بهاتفٍ من القبر وهو يقول:

أنعم الله بالخيالين ... عينا وبمسراك يا أميم إلينا

عجبًا ما عجبتُ من ثقلِ الترب ... وظلمةِ القبور علينا

قال: فانتبهت فإذا الباب قد فُتح، وإذا بالجنازة يقدمها شيخ فقلت له: ما هذه الجنازة؟ قال: هذه جنازة ابنتي قلت: ما اسمها؟ قال: أميمة، قلت: القبر المحفور لمن؟ قال: قبر ابن أخي، وكان زوجها فتوفى فدفنته ثم توفيت ابنتي فجئت أدفنها، فأخبرتُه بما سمعت من الهاتف في القبر (١).

ويشبه هذا ما خرّجه ابن أبي الدنيا عن الشعبي قال: كان صفوان بن أمية في بعض المقابر فإذا بشعل نيران قد أقبلت ومعها جنازة فلما دنوا من المقبرة قالوا: انظروا قبر كذا وكذا، قال رجل: سمعتُ صوتًا من القبر حزينًا موجعًا يقول:

أنعم الله بالظعينة عينا ... وبمسراك يا مُنينَ إلينا

جزعًا ما جَزعتُ من ظلمة القـ ... ـبر ومن مسك التراب أمينا

فأخبر القوم بما سمع، فبكوا حتى أخضلوا لحاهُم، ثم قال هل تدري من مُنينة؟ قال: لا، قال: صاحبة هذا السرير، وهذه أختها ماتت عام أوّل (٢).


(١) أهوال القبور ص ٢١٣.
(٢) "الهواتف" ص ٤٨ (٥٨).