قال الحافظ ابن رجب: روى ابن أبي الدُنيا عن محمد بن الحُسين، حدثنا أبو عمر العمري حَدثني عبدُ الله بنُ صدقة بنِ مرداس البكري، عن أبيه عن شيخ حدثّه بقرية من بلاد طرابلس، قال: كان ثلاثةٌ إخوة: أمير يصحب السلطان، ويُؤمَّر على المدائن والجيوش، وتاجر مطاع في ناحيته، وزاهد قد تخلى لنفسه، وتفرَّد لعبادة ربّه، قال: فحضرت العابد الوفاة فاجتمع عنده أخواه، فقال لهما: إذا أنا مِتُّ فغسّلاني وهيِّآني وادفناني على نشز من الأرض، واكتبا على قبري:
وكيفَ يلذّ العيش من هو عالمٌ ... بأنّ إله الخلق لابُدّ سائله
فيأخذ منه ظُلمه لعباده ... ويَجزيه بالخير الذي هُو فاعله
فإذا فعلتمُا ذلك فأتياني كل يوم مرّة، لعلّكما أن تتعظا قال: ففعلا ذلك، فكان أخوه يركبُ في جنده، حتى يقفَ على القبر ينزل فيقرأ ما عليه، ويبكي فلما كانَ اليومُ الثالث وأراد أن ينصرف سمع هدة من داخل القبر كادَ أن يتصدّع لها قلبه، فانصرف مذعورًا فَزعًا فلما كان من الليل، رأى أخاه في منامه فقالَ له: أي أخي ما الذي سمعت في قبرك؟ قال: تلك هدة المقمعة، قيل لي: رأيت مظلومًا فلم تنصره.
(١) رواه البيهقي في الشعب ٦/ ٢٠٣ و ٧/ ١٦ بمعناه من حديث ابن عباس مرفوعًا. قال الذهبي في الميزان ٦/ ٨٦ ترجمة محمد بن جابر بن عياش: لا أعرفه وخبره منكر جدًا. وأورد له هذا الخبر.