للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما زالت الأيامُ تلعبُ بالفتى ... والمالُ يذهبُ صفوهُ وجَلاله (١)

قال ابن أبي الدُنيا إنه قُرئ على قبر بشيراز هذه الأبيات:

ذَهب الأحبة بعد طول تودُّد ... ونأى المزار فأسلموك واقشعوا

خَذَلوك أفقر ما تكونُ بغربة ... لم يُؤنسوك وكُربه لم يدفعوا

وقضى القضاء وصرتَ صاحبَ حفرة ... عنك الأحبة أعرضوا وتصدَّعُوا

قال وقرئ على قبر بمقابر البصرة مكتوب:

يا غافلَ القلب عن ذِكر المنيَّاتِ ... عمَّا قليلٍ ستثوى بين أموات

فاذكرْ محلَّك من قبل الحلول به ... وتُبْ إلى اللهِ من لهوٍ ولذّات

إن الحِمامَ له وقتٌ إلى أجل ... فاذكر مصائب أيام وساعات

لا تطمئن إلى الدُنيا وزينَتها ... قد حانَ للموت يا ذا اللُبّ أن يأت

وقرِئ على قبر آخر:

ستُعِرضُ عن ذكري وتنسى مودّتي ... ويُحدثُ بعدي للخليل خليلُ

إذا انقطَعت يومًا من العيش مَودّتي ... فإنَّ عنَّا الباكيات قليل (٢)

يا هذا أهل القبور في الحبوس * أكثرهم قد نكّسَ الروس * ينتظرون هدية تدفع بعض البوس * أو دعوة ترفع ما هم فيه من الغطوس * الثرى لهم مهاد * والتراب ملبوس.

قال ابن عباس، رضي الله عنهما: مثلُ الميت في قبره كالغريق المتغوث، ينتظر دعوةً من صديق فإذا ترحَّم الإنسان عليه أخذها ملك فجاء بها إلى قبره وقال: يا صاحبَ القبر الغريب: هذه هديّة من أخ


(١) "أهوال القبور" ص ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٢) "أهوال القبور" ص ٢٣٥.